الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

القمة العربیة بین بارجة لبنان ومحرقة غزّة

تجدد العدوان الإسرائیلی على غزة والشروع بتنفیذ حرب إبادة جماعیة یدعونا إلى التنبه والتنبیه من مغبة ما هو قادم ویدعونا إلى التیقظ الإشارة إلى أن الأیام القادمة سوف تکون عصیبة وقاتمة ..لیس فقط على المستوى الفلسطینی بل على المستوى العربی الشامل .. فالمرحلة القادمة والتالیة التی تلوح بها إسرائیل لن تقتصر على قطاع غزة، بل إن المؤشرات تشیر إلى إمکانیة استدراج أطراف أخرى إلى المواجهة کحزب الله وسوریا !

قادة إسرائیل یهددون وعلى الملأ بأن المرحلة القادمة من الحرب ستکون أقسى وأعنف مما شهدناه حتى ألان وخفض معدل العملیات الإسرائیلیة الیومیة لم یکن إلا لعبة إعلامیة ورسالة للعالم بان إسرائیل أوقفت الحملة.. لکن الطرف الآخر أی حماس لم تتوقف عن إطلاق الصواریخ ... إنها لعبة إعلامیة لکسب تأیید العالم وتبریر حملتها الشرسة القادمة

 إن ما یحصل فی غزة من عملیات إبادة جماعیة وتحت غطاء عربی وعالمی رسمی شامل .. وفی ظل الصمت الرهیب للشارع العربی والذی من المفروض أن یتفاعل مع الحدث بشکل یجبر الأنظمة على إعادة حساباتها بشأن مواقفها السیاسیة المتخاذلة والتی شجعت وما زالت تشجع إسرائیل على المضی فی عدوانها...إذ لم تشهد المنطقة العربیة فی تاریخها مثل هذا التخاذل والغدر , والانحیاز للعدو والتشارک معه , دون إحساس بمسؤولیة وطنیة , أو احترام لإرادة شعبیة.

أکاد اجزم بان هناک أطراف عربیة رسمیة شریکة فی المؤامرة الدولیة الحاصلة والهادفة إلى تغییر ملامح المنطقة وهذه الشراکة تتعدى الصمت الذی یلف النظام الرسمی العربی لتصل إلى حدود المشارکة الفعلیة فی خدمة الولایات المتحدة وإسرائیل  فی حال اندلعت الحرب الشاملة التی بدأت مؤشراتها تلوح فی الأفق ..

الأنظمة العربیة لن تکن بمنأى عن تداعیات أیة حرب قد تندلع کون التحالف الأمریکی الإسرائیلی یسعى إلى ترکیع المنطقة وقلب المیزان السیاسی القائم وبالتالی إطباق سیطرته الاقتصادیة والسیاسیة على العالم العربی وهی لن تتوقف عند سوریا أو إیران بل إنها ستندفع باتجاه دول عربیة أخرى .

السؤال المطروح الیوم ..إلى أین تتجه المنطقة العربیة ؟ وهل ستکتفی إسرائیل وأمریکا باجتیاح قطاع غزة والقضاء على حرکة حماس کما تدعی ؟ أم أن الأمور ستتسع وتتطور إلى حدود اندلاع حرب شاملة تقلب وجه المنطقة رأسا على عقب ؟ إننی أرجح الاحتمال الثانی کون الولایات المتحدة لا یهمها حرکة حماس بقدر ما یهمها ایران وسوریا ( رأسی الأفعى )  کما یدعی الإعلام الإسرائیلی

وما وصول البارجة الأمریکیة إلى شواطئ لبنان إلا دلیل قاطع على أن المنطقة تتدحرج نهو حرب إقلیمیة شاملة لا یعلم إلا الله عواقبها وتداعیاتها والأجواء السیاسیة والدبلوماسیة والعسکریة تشیر إلى ذالک !

إن الصمت العربی اکبر دلیل على تواطؤ الأنظمة مع العدوان الإسرائیلی وهی تدری بان البرکان قادم لا محال لذا تلتزم الصمت لئلا تزعج الإدارة الأمریکیة وتضع نفسها تحت علامات سؤال.. ونحن نفهم بان الصمت یعنی المشارکة... لکن ما یؤلم هو إطلاق بعض الإعلامیین والساسة العرب تفوهات  تخدم العدو الإسرائیلی وتبرر المذابح الإسرائیلیة .. وإطلاق بعض المسؤلون العرب بعض التصریحات التی تخدم العدوان الإسرائیلی وتؤمن له الغطاء لتصعید عدوانه على شعبنا أکبر دلیل على التواطؤ العربی .

*****

إسرائیل لیست بحاجة إلى ذریعة لقتل أبناء شعبنا.. فعندما حوصر الشهید یاسر عرفات فی مقره لم تکن إسرائیل بحاجة إلى ذریعة لمحاصرته ومن ثم اغتیاله.. هل کانت هناک صواریخ تطلق باتجاه اسرائیل ؟ أم أن رفضه التوقیع على اتفاقات مهینة لشعبنا فی کامب دیفید جعل إسرائیل وأمریکا تحاصرانه بین أربعة جدران ... وعندما حوصر مخیم جنین وهُدم على رؤوس ساکنیه وحولوه إلى کومة من الرکام لم تکن إسرائیل بحاجة إلى ذریعة ..نعم هی کانت بحاجة إلى صمت عربی وعالمی کما هی بحاجة إلیه الیوم والأنظمة العربیة أمنت لها هذا الصمت.

إن إسرائیل لا تفرق بین فلسطینی وآخر وهی لیست بحاجة إلى ذریعة للقتل والتدمیر.. هدفها شطب القضیة الفلسطینیة والقضاء على من یقف عائقا أمام تحقیق طموحها الإستراتیجیة المتمثلة بالسیطرة على المنطقة سیاسیا واقتصادیا.. والتعویض عن خسارتها العسکریة أمام حزب الله وإعادة هیبة الجیش الإسرائیلی المفقودة.

إن الأیام القادمة حبلى بالمفاجآت فالحراک العسکری والسیاسی والدبلوماسی والعسکری یثیر القلق ویدعو إلى الیقظة والتنبه لما سیحصل على المستوى الإقلیمی ..إسرائیل تحاول استدراج حزب الله إلى المعرکة من خلال اغتیال (عماد مغنیة) ورسو البارجة الأمریکیة قبالة بیروت أکبر دلیل على ذالک .

البارجة البحریة تعتبر رسالة تهدید واضحة لحزب الله فیما لو أقدم على مؤازرة أهلنا فی غزة..ورسالة  تحذیر من مغبة معارضة ترتیباتها السیاسیة فی لبنان وبالتحدید انتخاب رئیس جمهوریة تحت ضغط البارجة الأمریکیة .

وتهدید للقمة العربیة التی قد تعقد فی دمشق والتی لا أتوقع ولا أتمنى أن تعقد ...لا أتوقع عقد القمة ... لان الرؤوس المشارکة لن تدخل نفسها فی دائرة الإحراج ولن تتجرأ على إدانة ما یحصل فی غزة لذا سنلمس محاولة بعض الزعماء العرب إفشال القمة وعدم حضورها .. ولا أتمنى أن تعقد لان عقدها یأتی تحت الضغط الأمریکی وقراراتها ستکون بمثابة ضربة غادرة للبنان وفلسطین وسوریا.. عقدها قد یشکل بدایة انقسام عربی حاد أو قد تکون نقطة تحول رسمی عربی باتجاه تعزیز التبعیة لأمریکا والوقوف بشکل علنی إلى جانب العدوان.. ولن نتفاجأ إذا خرجت القمة العربیة بإشارات تذنب الضحیة وتعطی الغطاء للجلاد .. إن تجربتنا مع القمم العربیة تجربة مریرة ومؤلمة للغایة فالقمم العربیة لم تفعل لهذه الأمة شیئاً، اللهم إلا ضیاع فلسطین واحتلال العراق،ومحاصرة سوریة ولبنان، وطورت سبل وأنواع التخاذل العربی..وعززت التبعیة لأمریکا. ،  فإنها محبِطة للشعوب ومکسِرة للأجنحة،وبیاناتها الختامیة التی تُعد لغة وأسلوباً لإرضاء جمیع غرف ومکاتب البیت الأبیض فیواشنطن. ومن یستطیع منا أن ینسى أن قمة عربیة أدیرت بلغة عربیة، حضرها زعماء عربوافقت على غزو العراق والتنکیل بشعبه، أو على الأقل أنها فی وقت لا حق سکتت عن غزوالعراق وتدمیره. وکیف ینسى العاقل منّا أن هذه القمم لا تکاد تذکر السودان، وتمررکلمة الجولان وفلسطین بحیاء وتحفظ.. ومن منا لا یذکر کیف منع یاسر عرفات من الحدیث فی قمة بیروت عبر شاشة منصوبة من مقره المحاصر فیه فی رام الله وبأمر أمریکی

*****

إن المشهد الفلسطینی المؤلم یستدعی العودة فورا إلى طاولة الحوار الفلسطینی الداخلی وإنهاء الخلاف وبسرعة .. فالدم الفلسطینی الذی امتزج دفاعا عن غزة یجب أن یوحد الأطراف والفصائل الفلسطینیة وإذا کانت الأحزاب الإسرائیلیة على اختلاف توجهاتها قد توحدت حول القضاء على القضیة الفلسطینیة وشطبها ، فحری بفصائل شعبنا أن تتوحد دفاعا عن غزة وأهلها .. الطائرات والقذائف الإسرائیلیة لا تدقق فی الهویة الفصائلیة لأبناء شعبنا وما یهمها هو إیلام الشعب الفلسطینی لإجباره على القبول بخیارات الاستسلام المطروحة .

إسرائیل تحارب الشعب الفلسطینی على عدة جبهات ومن ضمنها الجبهة السیاسیة الإعلامیة.. تحاول تغذیة الخلاف الفلسطینی الداخلی بوسائل وطرق إعلامیة رخیصة من خلال التشکیک المتعمد بالقیادة الفلسطینیة کلها وتفجیر قنابل إعلامیة لإثارة الشارع الفلسطینی الداخلی وعلى شعبنا أن یکون حذرا وان لا ینساق وراء الادعاءات الإسرائیلیة وعلى قیادة شعبنا أن تکون حذرة من هذه الحرب الإعلامیة والتی لا تقود إلا إلى المزید من التمزق والانقسام ..فلا وقت الآن للحساب والعقاب !!

إن ما هو مطلوب فورا توحد کافة الفصائل وتشکیل حکومة إنقاذ وطنی تضم کل الفصائل بما فیها حماس وفتح للخروج من المأزق الفلسطینی وتجنیب شعبنا المزید من القتل..وما هو مطلوب فورا تفعیل الدبلوماسیة الفلسطینیة باتجاه إنهاء العدوان على شعبنا فی غزة وهذا یتطلب قرع أبواب العالم والدول الصدیقة للشعب الفلسطینی .. فلا وقت الیوم للانتظار والنحیب والمحاسبة !! لا وقت لفتح جراحات الماضی والعتاب والحساب.. دم شهداء غزة یجب أن یکون عنصر التوحد وإذا لم تخطون هذه الخطوة فهناک خطر حقیقی على مصیر شعبنا وقضیتنا.

( المقال للدکتورعدنان بکریه/  موقع الوطن )

م/ ن/25

 


| رمز الموضوع: 142722







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)