البنیة التحتیة للحصار
ویتحکم فى تنظیم الحرکة بالمعبر عدد من الاطراف وعدد من الاتفاقیات والاغرب من ذلک عدد من المعدات .
اما عن الاطراف فهى اسرائیل والسلطة الفلسطینیة والولایات المتحدة والحکومة المصریة والاتحاد الاوروبى بدوله السبع والعشرین
اما الاتفاقیات فهى :
· اتفاقیة المعابر الاسرائیلیة الفلسطینیة الموقعة فى 15 نوفمبر 2005
· اتفاق اسرائیلى اوروبى فلسطینى لمراقبة المعبر
· الاتفاق المصرى الاسرائیلى الموقع فى اول اغسطس 2005ومعروف باسم اتفاق فیلادلفى
· اتفاقیة السلام بین مصر واسرائیل الموقعة فى 29 مارس 1979
اما عن المعدات المتحکمة فى المعبر فهى عبارة عن عدد من الکامیرات واجهزة الفحص للاشخاص والسیارات والبضائع التى فرضتها اسرائیل لمراقبة المعبر ونصت علیها بالتفصیل فى الاتفاقیات .
وهذه الاشیاء او الاجهزة تتحکم احیانا فى فتح او اغلاق المعبر لان وجودها شرط اساسى لاستخدام المعبر طبقا للاتفاقیات ولذلک فان اسرائیل عندما ترید اغلاقه فانها اما ان تمنع المراقبین الاوروبیین من الذهاب الى عملهم هناک بحجج امنیة ، او تسطو على الاجهزة وتاخذها الى مواقعها بعیدا عن المعبر فیغلق تطبیقا للاتفاق
اذ لا عبور بدون مراقبین
و لا عبور بدون اجهزة مراقبة
وهذه هى باختصار اللعبة التى تتم منذ اکثر من عامین والتى تمکنت بها اسرائیل من اغلاق المعبر على الدوام ما عدا ایاما معدودات
وبعض التفصیل قد یفید :
اولا ــ الاتفاق الفلسطینى الاسرائیلى الموقع فى 15 نوفمبر 2005 وهو ما یسمى باتفاقیة المعابر ولقد ورد فى بنوده القیود الاتیة :
· اخضاع المعبر للرقابة الاسرائیلیة لحظة بلحظة من خلال بث مباشر من کامیرات الفیدیو المنتشرة هناک مع ربط اجهزة کومبیوتر المعبر بالشبکة الاسرائیلیة
· اخضاع المعبر وممثلى السلطة الفلسطینیة لمراقبة طرف ثالث تم الاتفاق على انه الاتحاد الاوروبى
· اخضاع المعبر للمراقبة الامریکیة من خلال المنسق الامنى الامریکى بین السلطة وبین اسرائیل .
· وبصدد المراقبة الامریکیة فانه قد یکون من المهم هنا التذکیر بنص ما جاء فى رسالة التطمینات المرسلة من جورج بوش الى شارون بشان خطة الانسحاب من غزة وذلک فى 14/4/2004 اذا جاء فیها : " سوف تحتفظ إسرائیل بحقها فی الدفاع عن نفسها فی مواجهة الإرهاب، بما فی ذلک القیام بأعمال ضد المنظمات الإرهابیة. سوف تقود الولایات المتحدة الجهود، وستعمل مع الأردن ومصر وآخرین فی المجتمع الدولی لبناء قدرات وإرادة المؤسسات الفلسطینیة على مکافحة الإرهاب، وتفکیک المنظمات الإرهابیة، ومنع أن تُشکّل المناطق التی انسحبت منها إسرائیل خطراً یجب معالجته بأیة طریقة أخرى."
· حظر مرور الاشخاص من غیر حاملى الهویة الفلسطینیة ، المسجلون بالسجلات الاسرائیلیة والتى لایجوز تحدیثها الا بالاتفاق معها . وهو ما یعنى حرمان قطاعات کبیرة من فلسطینیی الخارج و کذلک عرب 1948 . ویعنى بالطبع تحریم دخول المصریین ومواطنى الدول العربیة الاخرى وآخرین .
· یستثنى من هذا الحظر فئات حددت حصریا هى الدبلوماسیون والمستثمرون الاجانب والممثلون الاجانب لمنظمات دولیة معترف بها وبعض الحالات الانسانیة ولکن هذا الاستثناء بدوره یخضع لقید اضافى هو ضرورة اخطار الحکومة الاسرائیلیة ببیانات هؤلاء قبل 48 ساعة من العبور فان رفضت یفوض ممثلو الاتحاد الاوروبى لاتخاذ قرار السماح او المنع .
· حق الاتحاد الاوروبى فى منع سفر اى شخص ومنع عبور اى حقیبة او سیارة او بضاعة
· حق اسرائیل فى ابداء رفضها عبور اى شخص تشتبه فیه فاذا لم تستجب السلطة الفلسطینیة یفوض الاتحاد الاوروبى
· ضرورة التنسیق الامنى الرباعى بین اسرائیل والسلطة وامریکا ومصر
· ضرورة تزوید اسرائیل بقائمة اسماء العاملین بالمعبر
· ضرورة ان تاخذ هواجس اسرائیل تجاه الاشخاص والبضائع فى الاعتبار
· حق اسرائیل فى الحصول على اکبر قدر من التعاون والمعلومات من السلطة
· التهدید بتجمید هذا الاتفاق فى اى وقت یقدم فیه الاتحاد الاوروبى تقییما سلبیا لاداء السلطة فى المعبر
· قیود على الواردات اذ نص الاتفاق على ان یستخدم المعبر فى التصدیر فقط ، اما الواردات فعن طریق معبر کفر ابو سالم الاسرائیلى
· قیود على عدد الشاحنات العابرة
· تحدید عدد الحقائب المسموح بعبورها مع کل مسافر مع وضع سیاسة خاصة لحقائب متعددى السفر
· و یحظر على السلطة الفلسطینیة الاتفاق مع مصر على ما یخالف هذه الاتفاقیة اذ جاء فیها ما ینص على خضوع تشغیل المعبر من الجانب المصرى لهذا الاتفاق
الخلاصة هو ان ان اسرائیل فى هذه الاتفاقیة قد بذرت عشرات النصوص والصیاغات والاشتراطات والعقبات والقیود التى تمکنها من اغلاق المعبر فى اى وقت تشاء وتحت حمایة ومبارکة الشرعیة الدولیة . فهى اتفاقیة لاغلاق المعبر ولیس لتشغیله .
ثانیا ــ الاتفاق مع الاتحاد الاوروبى : وهو اتفاق لاحق للاتفاقیة السابقة ومترتب علیها ومطبقا لاحکامها و ما یهمنا الاشارة الیه هنا هو :
· الاتفاق هو تفویض اسرائیلى للاتحاد الاوروبى بان تتولى بعثة من الاتحاد ، عدد ها فى حدود 70 فردا ، نیابة عنها مهام المراقبة النشطة والتحقق والتقییم لاداء السلطة الفلسطینیة فیما یتعلق بتطبیق المبادىء المتفق علیها لمعبر رفح ، اى انهم بمثابة العیون الاسرائیلیة على السلطة الفلسطینیة لیس اکثر ولیس اقل
· وفى سبیل ذلک علیهم ان یضمنوا عدم تعطیل کامیرات المراقبة وانظمة ومعدات الکومبیوتر المرکبة فى معبر رفح
· وعلیهم التاکد من استمرار بث المعلومات التى تجمعها هذه المعدات الى الجانب الاسرائیلى
· وعلیم التعامل الملائم مع المسافرین الذین ینتهکون القوانین والانظمة
· کما ان لهم کما تقدم صلاحیة منع عبور اى شخص و اى شىء
. وللبعثة التشاور مع الاطراف من اجل ضمان الامن الشخصى لافرادها . ومن هذه النقطة تحدیدا منعت اسرائیل البعثة من ممارسة اعمالها معظم الوقت متحججة بدواعى امنیة
ثالثا ــ اتفاق فیلادلفى وهو الاتفاق المصرى الاسرائیلى حول منطقة الحدود مع غزة والذى تم توقیعه فى اول اغسطس 2005 بعد الانسحاب الاسرائیلى من غزة والذى انتقلت فیه مسئولیة تامین هذه الحدود الى الحکومة المصریة . وتجدر الاشارة هنا الى الاتى :
· هذا الاتفاق هو بروتوکول عسکرى بالاساس
· وهو ملحق امنى اضیف الى اتفاقیات کامب دیفید اى انه محکوم بمبادئها العامة واحکامها
· وهو ینص على ان تتولى قوة من حرس الحدود المصرى فى المنطقة المذکورة مهام منع العملیات الارهابیة ومنع التهریب عامة و السلاح والذخیرة على وجه الخصوص وکذلک منع تسلل الافراد والقبض على المشبوهین واکتشاف الانفاق وکل ما من شانه تامین الحدود على الوجه الذى کانت تقوم به اسرائیل قبل انسحابها .
· وتتالف القوة من عدد اربعة سرایا ، تعداد افرادها 750 فردا ، ینتشرون على امتداد 14 کم هى طول الحدود المصریة مع قطاع غزة
· ویتکون تسلیحها من 504 بندقیة و9 بنادق قناصة و94 مسدس و67 رشاش و27 ار بى جى و31 مدرعة شرطة و44 سیارة جیب
· ولها الحق فى اربعة سفن لمراقبة الحدود البحریة
· وعدد 8 مروحیات غیر مسلحة للاستکشاف الجوى
· وعدد ثلاثة رادارات بریة وواحد بحرى
· ویحظر على القوة المصریة اقامة اى تحصینات او مواقع حصینة
· وتخضع القوة المصریة لمراقبة القوات متعددة الجنسیة الموجود فى سیناء منذ اتفاقیات کامب دیفید والتى تمارس مهامها تحت قیادة مدنیة امریکیة بنص الاتفاقیة .
· وتشارک فى سلسلة من اللقاءات الدوریة مع الجانب الاسرائیلى لتبادل المعلومات واجراء تقییم سنوى للاتفاق من حیث مدى نجاح الطرف المصرى فى مکافحة الارهاب
· ولا یجوز تعدیل هذا الاتفاق الا بموافقة الطرفین فلکل طرف حق الفیتو على اى اجراء یتخذه الطرف الاخر
· ویخضع هذا الاتفاق کما تقدم لبنود اتفاقیة المعابر الاسرائیلیة الفلسطینیة ، وهو ما یعنى فى احد تطبیقاته انه اذا اغلقت اسرائیل معبررفح من الجانب الفلسطینى فانه یتوجب على مصر ان تغلقه من عندها .
· ورغم ان المحللین فى مصر قد اعتبروا ان هذا الاتفاق یمثل مکسبا لمصر حیث انه یعد سابقة یمکن تکرارها لتعدیل شروط التدابیر الامنیة الواردة فى الاتفاقیة الرئیسیة الموقعة عام 1979 ، الا ان الحکومة لاسرائیلیة قد صرحت اثناء مناقشة هذا الاتفاق الاخیر فى الکنیست ان المهمة المحددة والوحیدة للقوة المصریة هى تأمین الحدود على الوجه المنصوص علیه .
رابعا ـ اتفاقیة السلام المصریة الاسرائیلیة الموقعة فى مارس 1979 :
· تنص هذه الاتفاقیة فى مادتها السادسة على انه " یتعهد الطرفان بعدم الدخول فى اى التزام یتعارض مع هذه المعاهدة " . وهو الامر الذى یحد من صلاحیات الادارة المصریة فى التصرف فى ازمة رفح الاخیرة او فى ازمات سابقة مماثلة على الوجه المامول شعبیا .
· وتنص فى مادتها الثالثة بان " یتعهد کل طرف بأن یکفل عدم صدور فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانیة وأفعال العنف أو التهدید بها من داخل أراضیه أو بواسطة قوات خاضعة لسیطرته أو مرابطة على أراضیه ضد السکان أو المواطنین أو الممتلکات الخاصة بالطرف الآخر ، کما یتعهد کل طرف بالامتناع عن التنظیم أو التحریض أو الإثارة أو المساعدة أو الإشتراک فى فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانیة أو النشاط الهدام أو أفعال العنف الموجهة ضد الطرف الآخر فى أى مکان ، کما یتعهد بأن یکفل تقدیم مرتکبى مثل هذه الأفعال للمحاکمة ".
· وتنص مذکرة التفاهم الموقعة بین امریکا واسرائیل فى 25 مارس 1979 على ان " حق الولایات المتحدة فی اتخاذ ما تعتبره ملائما من اجراءات فی حالة حدوث انتهاک لمعاهدة السلام او تهدید بالانتهاک بما فی ذلک الاجراءات الدبلوماسیة والاقتصادیة والعسکری "
· کما تنص على : " تقدم الولایات المتحدة ما تراه لازما من مساندة لما تقوم به اسرائیل من اعمال لمواجهة مثل هذه لانتهکات خاصة اذا ما رئى آن الانتهاک یهدد امن اسرائیل "
· لذلک اکدت اسرائیل فى اتفاق فیلادلفى مع مصر انه مجرد ملحق امنى اضافى للاتفاقیة الرئیسیة ولیس اتفاقا موازیا وذلک لتحتفظ بکل الضمانات الامریکیة المذکورة عالیه
نحن اذن امام ترسانة من الاتفاقیات بین عدد من الاطراف هدفها الوحید هو ضمان امن اسرائیل ولیذهب الآخرین الى الجحیم
صحیح ان الغضب الشعبى العربى ، خاصة فى فلسطین وفى مصر قد ادى الى انفراجة لحظیة فى ازمة المعبر لکن المشکلة باقیة ما بقیت هذه الاتفاقیات .
ان الحل لن یتاتى فقط بمحاولات " ترقیق " قلب الحکومة المصریة او المجتمع الدولى على الفلسطینیین المساکین . وانما یکمن الحل فى هدم البنیة التحتیة للحصار. وفى امتداد الغضب الى اصول المسائل فهى مربط الفرس .
( المقال بقلم الکاتب و الباحث المصری محمد سیف الدولة )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS