الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

التصعید الإسرائیلی ضد مصر – الخلفیات والأهداف

 یحب القادة الإسرائیلیون وخاصة العسکریون منهم- غالبیتهم تقریباً – استخدام المصطلحات العسکریة فی احادیثهم ذات الطابع السیاسی والإعلامی اهود باراک مثلاً تباهى فی الحملة الانتخابیة عام 1999 بما فعله فی فردان عام 1973 وقتله للقادة الفلسطینیین الثلاثة – کمال ناصر وکمال عدوان وابو یوسف النجار، قائلاً: رأیت بیاض عیونهم یتطایر على قبعتی -حتى عندما یزعم أنه یبحث على التسویة لا ینسى ماضیه العسکری فیقول: عین على التسویة والمفاوضات فیما الأصبع على الزناد- نفس المنحى نجده فی مدحه الثنائى محمود عباس – سلام فیاض -رجال طیبون ولکنهم لیسوا على استعداد للنزول إلى المیدان والضغط على الزناد.

وفی السیاق السابق وحسب النهج العسکری الذی یحبه ویتبعه باراک، یمکن فهم و إدراج الحملة السیاسیة والإعلامیة المکثفة التی شنتها مستویات إسرائیلیة متعددة ضد الحکومة المصریة بحجة عدم قیامها ببذل الجهد اللازم لمنع إدخال أو وصول الأسلحة إلى المقاومة الفلسطینیة فی قطاع غزة الاتهامات التی وصلت إلى جد اتهام مصر بالتواطؤ ولیس التقصیر فقط. سبقت الزیارة التی قام بها اهود باراک إلى شرم الشیخ منذ أیام، وبدا الأمر وکأنه تمهید بالنیران أو قصف مکثف قیل أن یقوم الجنرال باراک بالاقتحام أو التوغل البری، بعد الإشارة إلى الردود المصریة الحادة والمتناسبة مع التصعید الإسرائیلی یمکن الإشارة إلى خلفیات وأهداف هذا التصعید على النحو التالی:

-رغم کل المعاهدات و الاتفاقات فإن إسرائیل ما زالت تنظر إلى مصر بعین التوجس والریبة وهی تتابع بقلق التطورات هناک خاصة فیما یتعلق بتسلیح الجیش المصری وعقیدته القتالیة القاعدة التی تحکم الأداء الإسرائیلی فی شقه السیاسی والأمنی هی ضرورة استمرار التقدم الإسرائیلی على المحیط الإقلیمی وبالتالی ضرورة إضعاف الدول المجاورة وخاصة المهمة والمؤثرة منها کمصر مثلاً.

-        جرائم حرب ولیس أقل من ذلک هذا ا بسط تعبیر أو وصف یمکن إطلاقه على العملیات التی نفذها جیش الاحتلال ضد قطاع غزة خلال الفترة الماضیة لیس فقط على الصعید المیدانی، الاغتیالات والتوغلات والاجتیاحات وإنما أیضاً على الصعید الاقتصادی الاجتماعی ومنع إدخال الوقود وتخفیض کمیة لکهرباء،وکذلک المواد الأساسیة والتموینیة الأخرى تحتاج إسرائیل إلى غبار او ضباب کثیف للتغطیة على تلک الجرائم وهی تعتقد أن التصعید ضد مصر قد یفی بالغرض.

-        رغم کل الجرائم – التنکیل الإسرائیلی بغزة ورغم الثمن البشری والاقتصادی والاجتماعی الهائل إلا أن الصواریخ ما زالت تسقط على المستوطنات والتجمعات الیهودیة المحیطة بالقطاع المنکوب، القیادة الإسرائیلیة تحاول هنا إلقاء المسؤولیة باتجاه مصر والقول أن المشکلة الأساسیة تقع على عاتق هذه الأخیرة التی لا تقوم بعمل ما یلزم لوقف تدفعه الأسلحة إلى القطاع الرسالة هنا مزدوجة واحدة باتجاه الجمهور إسرائیل لاقناعه بأن حکومته ببذل قصارى جهدها لکن المشکلة تکمن فی الأداء المصرى على الحدود وأخرى باتجاه الرأی العام العالمی والمجتمع الدولی مفادها أن التصعید فی غزة لیس ناتج أو رد فعل للاحتلال إسرائیلی غیر المباشر للقطاع ولا حتى للجرائم الإسرائیلیة ولا حتى للمزاج الفلسطینی المقاوم. وإنما یعود إلى التقصیر المصری الذی حوّل القطاع إلى ترسانة هائلة من السلاح وفق الزعم أو الادعاء الإسرائیلی.- والتصعید الإسرائیلی ضد مصر والذی تزامن مع زیارة اهود باراک لهذا البلد یندرج کذلک ضمن قاعدة الهجوم أفضل وسیلة للدفاع بدلاً من أن یذهب وزیر الدفاع الإسرائیلی للقاهرة ویسمع قائمة طویلة عریضة من  الاتهامات والاستفسارات عن الممارسات الإسرائیلیة فی قطاع غزة والضفة الغربیة أراد إبقاء المسؤولین المصریین تحت الضغوطات وإجبارهم على تقدیم الشروحات الدفاعیة وتوضیح الجهود الهائلة التى یقومون بها لضبط الأوضاع على الحدود المصریة مع قطاع غزة.

-        صورة أوضح واعمق عن أسباب وخلفیات القصف الإسرائیلی السیاسی والإعلامی المرکز نحصل علیها بعد فحص جدول أعمال زیارة باراک إلى مصر والذی تضمن ثلاثة بنود تدفق السلاح إلى قطاع غزة – صفقة تبادل الأسرى بین إسرائیل وحرکة حماس – تحریر جلعاد شالیت حسب الوصف الإسرائیلی الهدنة أو التهدئة فی قطاع غزة، إسرائیل ترید ابتزاز مصر فی الملفات الثلاث بذل کل الجمهور لمنع وصول السلاح وحتى لو بثمن الاصطدام مع البیئة الاجتماعیة المصریة الداعمة للمقاومة الفلسطینیة وحتى مع هذه المقاومة نفسها وصولاً إلى الانخراط الفعلى فی سیاسة حصار وعزل قطاع غزة بالتزامن مع ذلک الضغط على الفلسطینیین لتخفیض سقف شروط وتوقعاتهم من الصفقة أو الرزمة الواحدة التی تشمل الهدنة وتبادل الأسرى اى أن تتحول مصر إلى وسیط منحاز ضد الفلسطینین أو وسیط محاید على الأقل وفی جمیع الأحوال تربح إسرائیل ولا تخسر.- لا یمکن فصل التصعید الإسرائیلی ضد قطاع غزة عن لقاء أنابولیس وانطلاق مفاوضات الوضع النهائی بین السلطة الفلسطینیة بزعامة محمود عباس وحکومة السید سلام فیاض والحکومة الإسرائیلیة هذه الأخیرة تبدو وکأنها فی وارد تحیید مصر نهائیاً وإبعادها عن المفاوضات واستنزافها وإرهاقها بملفات وتفاصیل أخرى یحقق الهدف الإسرائیلی الأهم الاستفراد بالفلسطینیین وإجبارهم على القبول بالتصورات والرؤى المتعلقة بالحل النهائی والمستندةعلى المصالح وحتى الأطماع الإسرائیلیة فی الحقوق والثروات الفلسطینیة.

-        یجب الانتباه إلى أمر مهم وجوهری فیما یتعلق بالحملة الإسرائیلیة ضد مصر فهى  تجرى فی المنطقة وفی واشنطن ایضا فی نفس الوقت فقد نجحت الضغوط الإسرائیلیة فی دفع الکونغرس الأمریکی إلى تجمید مبلغ 100 ملیون دولار من المساعدة السنویة الأمریکیة لمصر إلى أن تقدم الإدارة وزیرة الخارجیة کوندالیزا رایس تقریراً یثبت تعاون مصر وزیادة جهودها لمنع وصول السلاح إلى غزة – هذه الخطوة، عوضاً عن أنها تسعى إلى استفزاز مصر والتضییق علیها فإنها تهدف کذلک إلى استنزافها فی معارک جانبیة وإبقائها تحت الضغط دائماً بحیث تنخرط ضمن السیاق العام للسیاسة الإسرائیلیة ضد الفلسطینیین أو یتم تحییدها وإبقاء هؤلاء وحیدین تحت القبضة الإسرائیلیة السیاسیة والأمنیة. -مصر دولة عریقة ومهمة فى المنطقة ویفترض انها تعى جیداً اسباب وخلفیات واهداف القصف الإسرائیلیة ضدها إلا أن الفهم الصحیح لمجریات الأمور یقتضى التنبه إلى حقیقة أن القصف موجه ضد مصر فیما الهدف هو الفلسطینیین بحکومتیهم فی غزة ورام الله وأبسط الأشیاء والأمور التی یجب على هؤلاء القیام بما هی التوحد الفوری لافشال الأهداف الإسرائیلیة التکتیکیة والإستراتیجیة ضد غزة ورام الله ضد القضیة والمشروع الوطنی وضد الأمة العربیة ممثلة بأحد أهم وأبرز دولها مصر.

( المقال بقلم  ماجد عزام مدیر مرکز شرق المتوسط للدراسات والإعلام- بیروت )

ن/25

 


| رمز الموضوع: 142642







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)