الثلثاء 15 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

نصر الله یتغلب على تل أبیب فی الحرب النفسیة

فی نظرة للوراء، بعد مرور 5 سنوات على حرب لبنان الثانیة، یُمکن القول الفصل إن زعیم حزب الله اللبنانی، سماحة السید حسن نصر الله، لقن الإسرائیلیین وما زال دروسا فی الحرب النفسیة، وهذا الأمر ساهم إلى حد کبیر فی انتصار المقاومة على الکیان الصهیونی فی الحرب، التی أدت فی ما أدت، بحسب الخبراء، إلى فقدان تل أبیب قوة الردع، هذا ما توصل إلیه العالم النفسانی الإسرائیلی، د. تسفی غیل، المختص فی الحرب الإعلامیة على الجبهة النفسانیة، فی بحث جدید نشره على موقعه الالکترونی، لافتا إلى أنه خدم فی السابق، ضمن الوحدة النفسیة فی الجیش الإسرائیلی، ولکنه بالمقابل أشار إلى أن هذه الوحدة فشلت فشلا ذریعا فی حرب لبنان الثانیة. وقال غیل: لقد واکبت حرب لبنان الثانیة على أرض المعرکة ومن الناحیة الإعلامیة، وتوصلت إلى نتیجة لا لبس فیها هی أن الحرب النفسیة الإسرائیلیة فشلت أکثر من الجنود الذین کانوا یحاربون.
ولفت إلى أن الإعلام الإسرائیلی والغربی على حدٍ سواء، کبروا من قدر انتصار حزب الله، ولکن الأخطر من ذلک، أن الإعلام نفسه حول السید حسن نصر الله إلى قائدٍ من الدرجة الأولى.
وبرأیه فإن قیام إسرائیل بتصفیة الشیخ عباس موسوی، کان بمثابة کید مرتد على الدولة العبریة، ذلک أنه فی حرکات التحرر الوطنی أو فی التنظیمات الإرهابیة، فإن الوریث للزعیم الذی تمت تصفیته، یکون أکثر تطرفا وأکثر تزمتا، وفی الحرکات الدینیة المتشددة، فإن الوریث یتحول إلى ما یُشبه القدیس، و السید حسن نصر الله هو أکبر نموذج لذلک، فهو عدو لا یُمکن قهره بسهولة، وتابع الباحث قائلا إن نصر الله یُدیر الحرب النفسیة ضد إسرائیل ببراعة، فعلاوة على کونه یتمتع بجمیع مزایا القائد، فإنه أیضا فنان فی مجال الحرب النفسیة، وفی خطاباته بالتلفزیون یُقنع المشاهدین، وبالتحدید فی إسرائیل، کما أنه یُقلل الخطابات لکی ینتظر العالم ماذا سیقول، وهذا الأمر هو أیضا سر نجاحه الثانی. ویُشیر الخبیر الإسرائیلی إلى أن نصر الله لا یصرخ خلال الخطابات، إنما یُجری حدیثا أخویا، کما أنه لیس مندفعا، وبالتالی فإنه قائد حکیم للغایة، یُجبر المشاهدین على الاستماع لأقواله بشغف.
وأوضح الباحث، الذی واکب نصر الله من خلال التلفزیون ووسائل الإعلام الأخرى، أن الرجل خلال حرب لبنان الثانیة دأب على تقلیل عدد المرات التی ظهر فیها على الشاشة، ربما لخوفه من تحدید مکانه واغتیاله، وخلال خطاباته هدد، ولکن فی أمر واحد حقق نجاحا باهرا: لقد أفقد العمق الإسرائیلی الثقة بنفسه، لیس فی الممتلکات أو الأرواح، إنما فی إحباط معنویاته، ذلک أنه ملم جدا فی العقلیة الإسرائیلیة، وبالتالی فإنه استغل هذا العامل حتى النهایة، مشددا على أن الطعنة أو الندب التی
سببها نصر الله للجمهور الإسرائیلی من الصعب التخلص منها. ولفت الباحث إلى أن الخبیر الإسرائیلی فی الشؤون الإستراتیجیة، أمیر تسانداکوفیتش، اختار نصر الله لیکون رجل العام فی الـ2006، مبررا ذلک بأن زعیم حزب الله کان المسؤول الأول والمباشر على قیادة الحرب التی غیرت نظرة الإسرائیلیین إلى أنفسهم، وأنه هو الذی وضع للإسرائیلیین المرآة الحقیقیة لرؤیة أنفسهم بالحجم الطبیعی.
علاوة على ذلک، جاء فی البحث أن نصر الله ینتمی إلى أولئک الزعماء الذین یتحولون إلى نجوم تلفزیونیة، هکذا فی العالم، وهکذا أیضا فی إسرائیل، ذلک أن کل خطاب مرتقب لنصر الله فی التلفزیون یتحول إلى خبر رئیسی ویثیر ویُحرک الشعور بالانتظار، وهذا الأمر نابع من سببین، بحسب الباحث، الأول أن نصر الله یُقلل جدا من ظهوره على التلفزیون، ویُقلل أیضا من المقابلات التی یُدلی بها باحادیث، وإذا قرر فعل ذلک فإنه یختار التلفزیون، لأنه الوسیلة الأنجع له لتمریر رسائله و إنه هادئ جدا ومرتاح للغایة وبالتالی فإنه یُرسل للمتابعین رسالة قویة تؤکد أنه واثق من نفسه، الأمر الذی یزید من مصداقیته.
ولاحظ الباحث أنه فی المؤتمر الصحافی الذی عقده بعد أن وضعت حرب لبنان أوزارها شن هجوما على وسائل الإعلام العربیة، ولکن بالمقابل فی خطوة تدل على مدى حکمة الرجل، فقد قال إن إسرائیل عدو، ولکن فی نفس المؤتمر کال المدیح للإعلام العبری الإسرائیلی، وقال إنه عادل ونزیه أکثر بکثیر من الإعلام العربی، وهذا الأمر برأی الباحث هو تلاعب ذکی للغایة، والهدف من ذلک إثارة الشارع العربی على وسائل الإعلام العربیة التابعة للأنظمة، على حد تعبیر الباحث.
ویشیر الباحث إلى خصلة أخرى ممیزة وایجابیة لدى نصر الله، ذلک أنه یُمثل الجمهور الذی یؤیده بشکل ممتاز لیس فقط على الصعید الداخلی، إنما، وهذا الأهم، خارج حدود الوطن العربی.
کما أوضح الباحث، أن نصر الله اکتشف سریعا أن الداخل الإسرائیلی هو الحلقة الضعیفة جدا لدى أرکان الکیان الصهیونی، وبالتالی استغل هذا الأمر إلى أبعد الحدود، فأصاب العمق الإسرائیلی من الناحیة المعنویة وأیضا سبب الأضرار للممتلکات وأیضا فی الأرواح، وهذا أیضا أحد أسباب نجاحه فی الحرب النفسیة ضد إسرائیل. على کل الأحوال، خلص الباحث إلى القول فی الحرب النفسیة الماهرة والذکیة التی یقودها سماحة السید حسن نصر الله لا یوجد له منازع فی الحلبة، وبالتالی علینا أنْ نتعلم منه.

زهیر أندراوس
انتهی / شا 24


| رمز الموضوع: 140701







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)