الثلثاء 15 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

امریکا ترید علاقاتها مع مصر خدمة للمصلحة الاسرائیلیة

أکد السید نبیل فهمی سفیر مصر السابق فی واشنطن فى حواره مع صحیفة " مصری الیوم "، ان ضرورة إعلان وقف عملیة السلام التى تحولت إلى مجرد عملیة «مظهریة»، والتوجه إلى الأمم المتحدة لإعلان الدولة الفلسطینیة. وأشار إلى أن نظریة الفوضى الخلاقة قائمة لیس فقط من الخارج إلى الداخل وإنما فیما بیننا أیضاً من خلال أعداء الثورة والتحضر والدیمقراطیة.

ویرى «فهمى» أن الحکومة المصریة ارتکبت عدداً من الأخطاء فى إدارة أزمة اعتداء إسرائیل على الحدود المصریة وقتل الجنود المصریین، واصفاً التصریحات التى أدلى بها مسؤولو الحکومة بـ«المتضاربة»،

وحول ما یعکسه تدخل الناتو فى لیبیا وعدم تدخله فى سوریا خوفا على إسرائیل أم خوفا من إیران؟ أجاب السفیر نبیل فهمی : أعتقد أنه خوف على إسرائیل، إضافة إلى أن للغرب مصالح مباشرة فى لیبیا کالبترول وهو غیر موجود فى سوریا، کما أنه لا یهمهم ما یحدث داخل سوریا ما دام بعیدا عن هضبة الجولان، فمن مصلحة الغرب استقرار وثبات الأوضاع فى سوریا، خوفا من أن تأتى الثورة بنظام إسلامى أو حتى نظام دیمقراطى یبدأ فى التساؤل: لماذا ترکت هضبة الجولان على وضعها الحالى طوال السنوات الماضیة؟ ویبدأ فى تغییر الوضع، وهذه احتمالات لا یریدونها، ویدخل فى الحساب أیضا المکسب والتکلفة من التدخل المباشر، ومدى تقبل المجتمع الدولى لهذا التدخل من عدمه، أنا شخصیاً أستبعد تدخل الناتو عسکریاً بشکل مباشر فى سوریا،

وحول العلاقات المصریة ــ الامریکیة و ضرورة إعادة النظر بشأنها ، قال : تحتاج إلى إعادة هیکلة وتأهیل. فهى علاقات ستظل مهمة للدولتین، ولا یمکن لمصر الانتشار إقلیمیا أو دولیا على المستوى السیاسى أو الاقتصادى أو الأمنى أو الاجتماعى دون التفاعل مع الولایات المتحدة، ولن تستطیع الولایات المتحدة حمایة مصالحها فى الشرق الأوسط دون إیجاد توازن فى علاقتها مع مصر لثقلها الإقلیمى خاصة بعد الثورة. إذن فالمسألة لیست إعادة النظر فى العلاقات المصریة - الأمریکیة، وإنما إعادة تقویم العلاقة على أسس سلیمة، بعد أن اختلت المعاییر والموازین، حیث الساحة الأمریکیة تنظر إلى العلاقة المصریة - الأمریکیة من خلال مصلحة إسرائیل، وبعد اتفاق السلام المصرى - الإسرائیلى، أصبحت العلاقة المصریة - الأمریکیة بثلاثة أضلاع، رغم أن العلاقة الإسرائیلیة - الأمریکیة ظلت ثنائیة لا تأخذ فى الاعتبار المصالح المصریة أو ضرورة تحریک عملیة السلام، أقول ذلک وأشدد على أن التقویم المطلوب قد طال انتظاره کثیرا، ویجب إعادة هیکلة العلاقات المصریة - الأمریکیة على أسس سلیمة تشمل وإنما لا ترتکز على السلام العربى - الإسرائیلى.

ورداً على سؤال حول فشل اوباما فی تنفیذ وعده بوقف الاستیطان الاسرائیلی ، قال نبیل فهمی : نعم فشل فى وقف الاستیطان الإسرائیلى فى الأراضى المحتلة، لأنه لم یستثمر رصیده السیاسى الضخم فور انتخابه لمحاولة الضغط على إسرائیل بعد أن رفض رئیس وزراء إسرائیل بنیامین نتنیاهو الموقف الأمریکى صراحة. وسمح للأخیر بإحراجه أمام العالم. وقد خسرت الولایات المتحدة لأن هیبة الرئیس الأمریکى أصابها شرخ، وخسرت عملیة السلام العربیة - الإسرائیلیة نتیجة عدم تمسک أوباما بموقفه، لأن هذا التراجع شجع نتنیاهو على إحراج أوباما بشکل علنى فى البیت الأبیض، وأمام العدسات الإعلامیة ثم فى الکونجرس الذى صفق 27 مرة لنتنیاهو رغم أنه کان یتعارض مع المواقف الدولیة والأمریکیة بالنسبة لحدود 1967 والقدس.

واضاف : أوراق اللعبة لم تکن یوماً 99% فى ید الأمریکان، السیاسة والتاریخ یثبتان ذلک، والدور الأمریکى مهم، لکنه مکمل لدور المنطقة، فضلاً عن أنها لم تکن فى یوم من الأیام بمؤسساتها المختلفة على مسافات متساویة من الطرفین، ومن السذاجة تصور ذلک. فإذا أرادت الولایات المتحدة الحفاظ على دورها وتطلع أوباما لاستعادة مصداقیته السیاسیة فمن المطلوب اتخاذ مواقف أکثر قوة وجرأة، وإذا أراد العرب الاستفادة من الدور الأمریکى یجب وضع هذا الدور فى حجمه الصحیح.

وحول رؤیته الخاصة للتعامل مع الصراع العربى - الإسرائیلى وفق آخر التطورات فى المنطقة؟ قال : یجب أن نصارح أنفسنا والمجتمع الدولى والرأى العام بأن ما یسمى «عملیة السلام» مسرحیة هزلیة ولا تتجاوز تفاوض العرب مع أنفسهم، لعدم وجود شریک إسرائیلى جاد، لذا لا جدوى من المظهریة، فأنا لا أرى جدوى من التفاوض مع الحکومة الإسرائیلیة الحالیة لاستحالة اتخاذها مواقف تقترب من الموقف المطلوب عربیا، وخطاب نتنیاهو بالکونجرس والتوسع الاستیطانى وهدم المنازل بالقدس الشرقیة تثبت ذلک. لذا یجب الترکیز مرحلیا على «تثبیت الحق الفلسطینى»، وتقنین أسس الحل النهائى، وممارسة الضغط على إسرائیل خارجیاً وداخلیاً لاحترام الشرعیة الدولیة من خلال التقدم للأمم المتحدة والمنظمات الدولیة وعلى المستوى الثنائى للحصول على الاعتراف الدولى بالدولة الفلسطینیة على حدود ١٩٦٧ والسلام الشامل وفقا للمبادرة العربیة، والإعلان عن استعداد عربى للتفاوض مع إسرائیل إذا التزمت بهذه المبادئ ورفض أى مفاوضات لا تقوم على هذا الأساس، مع القیام بحملة دولیة وداخل إسرائیل ذاتها لشرح تکلفة تعثر عملیة السلام والعائد الإیجابى للسلام الشامل، ومطالبة المجتمع الدولى باتخاذ مواقف وإجراءات محددة تؤکد عدم تعاملها مع إسرائیل فیما یتعلق بالضفة الغربیة بما فى ذلک القدس الشرقیة وقطاع غزة باعتبارها فلسطین المحتلة.

و حول التعاملات التجاریة بین اسرائیل و مصر والدول العربیة أردف نبیل فهمی قائلاً : أى مزایا استثنائیة أعطیت لإسرائیل فى السابق تمت بقرار سیاسى ویمکن إعادة النظر فیها، وأنا ضد حصول إسرائیل على أى امتیازات، إذ کان یجب أن تبقى العلاقة فى حدود اتفاقیة السلام لا أکثر.

وبشأن إقتحام السفارة الإسرائیلیة فی القاهرة وهل من شأنه أن یضغط على إسرائیل أم أنه یعتبر خرقا للقانون الدولى و یمکن أن یجلب لمصرالمشکلات؟ أجاب بالقول :  هناک غضب شعبى کبیر لقتل الجنود المصریین على الحدود مع إسرائیل، ومن الطبیعى أن نشهد مظاهرات تعبر عن هذا الغضب فى أماکن مختلفة بما فى ذلک أمام السفارة الإسرائیلیة، ولا شک لدىَّ أن الحادث أربک إسرائیل، لکن الخطأ فى اقتحام السفارة لیس فقط أنه مخالف للقوانین الدولیة والأعراف الدبلوماسیة وإنما لأنه یسلط الأضواء على هذا الحادث بالذات بدلاً من الترکیز على الجریمة الإسرائیلیة وهى قتل الجنود المصریین، وسیفسره البعض على أن هناک انفلاتاً أمنیاً فى مصر. مع هذا، وحتى نضع الأمور فى نصابها الصحیح، کانت هناک جریمة إسرائیلیة بإطلاق النار عبر الحدود المصریة فى مخالفة صریحة للقانون الدولى والملحق الأمنى فى الاتفاق المصرى - الإسرائیلى. وأضاف : هناک أخطاء مصریة فى إدارة رد الفعل، تصریحات متضاربة، ثم بیان عام فاتر لا یحمل أى معلومات أو إجراءات، وعدم شفافیة مع الرأى العام، وکان من المفترض أن یقوم الجانب المصرى وبشکل مستقل بتحقیق مبدئى وسریع یعلن على أثره بعض البیانات، وعن عزمه مواصلة الاتصال بالجانب الإسرائیلى لإعداد تحقیق مشترک لاستکمال الصورة، حتى یکون الرأى العام المصرى على بینة بما حصل من مصادر مصریة، ویطمئن أن السلطات المصریة تتابع الموقف وستتخذ الإجراءات الملائمة حسب توافر المعلومات، أما أن تکون المصادر الوحیدة هى ما ینشر فى الصحف المصریة نقلاً عن تصریحات مسؤولین إسرائیلیین أو صحفهم بوجود اعتذار إسرائیلى ثم نفیه، وبأن الاعتداء تم من خلال طائرات هلیکوبتر، ثم سیناریوهات أخرى، وما نشر عن وصول مبعوثین إسرائیلیین للتفاوض مع الجانب المصرى ومغادرتهم دون أى تعلیق، وبدلاً من استدعاء السفیر المصرى فى إسرائیل ولو مؤقتا للتشاور إلى حین انتهاء التحقیق. کان الشىء الملموس الوحید الذى رآه الرأى العام المصرى هو بناء سور حام للسفارة على کوبرى الجامعة - إزاء کل ذلک ورغم اعتراضى على اقتحام السفارة فإننى لم أندهش من الحادث إطلاقاً لأن الغلیان الشعبى هو الذى أدى إلیه، وکنت أرى أن البعض قد یستغله للنیل من إنجازات الثورة بالإساءة إلى طبیعتها السلمیة، وهذا ما حصل بالضبط.

ورداً على سؤال انه و بعد قتل إسرائیل عدداً من الجنود المصریین على الحدود أثار مرشحو الرئاسة المحتملون من جدید قضیة إعادة النظر فى معاهدة السلام وأشار بعضهم إلى نیته إلغاءها حال فوزه بالانتخابات الرئاسیة، فإلى أى الجانبین تمیل؟ أجاب السید نبیل فهمی قائلاً : تقوم أغلب دول العالم بشکل دورى بمراجعة سیاساتها والتزاماتها الخارجیة بما فیها التزاماتها القانونیة الدولیة أو الثنائیة، وإذا لم تفعل مصر ذلک بعد الثورة وبشکل منتظم فستکون قد أخطأت فى حق نفسها، فالهدف الرئیسى والتقلیدى من هذه المراجعات هو تقویم فاعلیة المعاهدات وتوافقها مع سیاسات وأولویات الدولة من خلال دراسة وتقییم عمیق هادئ بعیداً عن العواطف والانفعالات، وفى أغلب الأحیان یتم الالتزام بالمعاهدات أو تعدیل بعض ملاحقها، أو الإعلان عن عدم تجدید الاتفاقیات عند انتهاء سریانها کما فعلت الولایات المتحدة مع الاتحاد السوفیتى فى بعض اتفاقیات الحد من التسلح. وسیکون من الطبیعى بعد الانتخابات البرلمانیة والرئاسیة أیاً کانت نتیجتها مراجعة مصر لالتزاماتها الدولیة بما فیها اتفاقیة السلام المصرى الإسرائیلى، وسبق أن أعلنت مرات عدیدة أننى داعم للسلام العربى - الإسرائیلى الشامل، بما فى ذلک السلام المصرى - الإسرائیلى، وإن کنت أرى أن توقیعنا على هذا الاتفاق خارج إطار السلام الشامل لم یکن ملائماً، ولدىًَّ تحفظات محددة على بعض جوانب الملحق الأمنى، لأن منظوره الأساسى هو توفیر الأمن لإسرائیل بحجة ضآلة حجمها مقابل حجم مصر، ما یجعل العدید من التحرکات المصریة فى المنطقتین (ب) و(ج) مقیدة أو محکومة بموافقات استثنائیة من قبل إسرائیل، وهو أمر یجب مراجعته وتعدیله، وأشهد للقوات المسلحة المصریة بأنها تقوم بدور وطنى نبیل بکفاءة عالیة فى ظروف صعبة، ورغم کل ذلک أرى أن تتم أىّ مراجعة بهدوء بغیة التقویم والتفعیل والبناء إن أمکن للوصول إلى السلام الشامل، وهذا یتطلب تغییرا جوهریا فى السلوک الإسرائیلى، سواء فى تعاملاتها على الحدود المصریة، أو فى توجّهها نحو التفاوض مع الجانب الفلسطینى، فالسلام المستهدف والأمن والأمان الذى نتطلع إلیه لیس لإسرائیل فقط، وإنما لشعوب المنطقة جمیعاً دون تفرقة أو تمییز.

ن/25


| رمز الموضوع: 140697







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)