السفارة "الإسرائیلیة" ملعونة فی موریتانیا
عزا سفیر “إسرائیل” فی نواکشوط بوعز بسمیث سبب الهجوم المسلح الذی تعرضت له سفارة الکیان فی وقت متأخر من لیلة أمس، إلى ما سماه “نتیجة حملة التجییش الحالیة ضدنا فی الساحة الموریتانیة”، وذلک کما نقل عنه صحافیون أجانب. وکان قد قال إنه تلقى “مکالمات هاتفیة کثیرة من أصدقاء موریتانیین کانوا فی غایة الانزعاج”، معتبرا “ذلک الشیء الایجابی الوحید فی لیلة حزینة جدا”، بحسب زعمه. وقررت “إسرائیل” إرسال وفد أمنی لاستطلاع الحدث، وتقییم سبل توفیر حمایة أمنیة لبعثتها الدبلوماسیة بنواکشوط.
ویبدو أن بوسمث الذی زعم وجود “مکالمات هاتفیة کثیرة من أصدقاء موریتانیین کانوا فی غایة الانزعاج”، لم یکن بالتأکید فی الشوارع والبیوت والمحلات المحیطة بمقر سفارته، والتی تتألم حقا “للیالی عزة الحزینة”، ولم یدخل البیوت والمحلات التجاریة فی الحی التی یقول أصحابها ما إن تأکد الذین خرجوا إلى الشارع ووقفوا یستطلعون الأمر من أن إطلاق الرصاص لیس ناتجاً عن انقلاب عسکری، وأنه هجوم یستهدف سفارة الکیان، حتى عم الفرح بینهم، وقال أحدهم، بحسب روایة صاحب محل تجاری “لا مکان للیهود هنا”.
وقال موریتانیون فی محیط السفارة إنه على الرغم من رفضهم لأعمال العنف، إلا أن “سفارة إسرائیل یجب أن ترحل، مهما کان الثمن الذی ستدفعه موریتانیا”. وقال شاب فی العشرین من عمره “متأکد أن هذا نتیجة حتمیة لعلاقة مرفوضة وتفضحنا، وتجعلنا نخجل من أنفسنا”، وقال آخر غاضب “طالما بقیت هذه الملعونة (السفارة) هنا فتوقع کل شیء”.
ومما لا شک فیه أن الموریتانیین لم یرق لهم انفرادهم من بین الدول المغاربیة بعلاقات مع “إسرائیل”، وأن بلادهم أصبحت الدولة العربیة الثالثة التی تطبع مع الکیان.
ومنذ أعلنت العلاقات بین نظام معاویة ولد الطایع والکیان فی ،1996 تجلى الرفض الشعبی الموریتانی لتلک العلاقات فی حراک یتصاعد یوما بعد آخر. وتجلى ذلک فی المظاهرات الدامیة التی خلفت أضرارا بشریة ومادیة جسیمة، وباتت من مشاهد الشارع الموریتانی کلما رفعت نواکشوط تواصلها مع مسؤولی الکیان، إلى جانب رفع لافتة رفض تلک العلاقة بالتزامن مع کل الأحداث التی تدور فی الأراضی العربیة المحتلة.
وسرعان ما دفع رفض هذه العلاقات لدى الشارع الموریتانی، وفی أوساط النخبة والجیش، إلى ردات فعل لم تکن فی بال ولد الطایع الذی تصور أن بلاده تمتع بتلک العلاقات ب”أموال الغرب والصهاینة وقوتهم”، حیث أقدم الرائد صلاح ولد حننه على بدء محاولاته الانقلابیة التی قال :إن من دوافعها الرئیسیة رفض تلک العلاقات.
ودفع الشارع الموریتانی بمنظمات مواجهة وزعت المنشورات، ونظمت المظاهرات، ووضعت الرفض الشعبی للعلاقات مع “إسرائیل” کثابت لا یتغیر، ودفعت بموریتانیا إلى أوج الاحتقان السیاسی للعدالة الدیمقراطیة، حیث لم یعد أمام رجال النظام غیر التخلص من “الرأس” فی عملیة “إنقاذ نفس”.
وطوال الفترة الماضیة، حاولت سلطات نواکشوط عدم الظهور بأی مظهر مستفز للشارع والرأی العام، فلم یستقبل الرئیس ولا رئیس الوزراء ولا أی وزیر سفیر الکیان علنا. وبدت عزلة الطاقم الدبلوماسی لسفارة الکیان واضحة فی الفترة الماضیة، ما جعل نائب کتلة الإصلاح البرلمانیة محمد جمیل منصور یثیر ضحک النواب، حین قال “لنطرد هذا الرجل الذی لا یفعل شیئا هنا”.
وقلبت أحداث الاعتداء على غزة وحصارها ذلک “الهدوء النسبی” بین السلطات وقوى مواجهة مکافحة التطبیع، فتحرک الشارع الموریتانی بقوة فی الأسابیع الماضیة، وتمیز تحرکه هذه المرة بإجماع غیر مسبوق بین أحزاب الحکم وأحزاب المعارضة الذین اجتمعوا لأول مرة على موضوع موحد، هو ضرورة قطع العلاقات مع “إسرائیل”.
م/ ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS