المجتمع الدولى عاجز امام الاستیطان الاسرائیلی

ولم تترک اسرائیل الوقت یمر على اجتماع انابولیس لتعود من جدید الى التلویح باستئناف بناء المستوطنات فى جبل ابو غنیم الذى یعتبر رمزا من رموز الصراع الفلسطینى الاسرائیلى حول المسألة الاستیطانیة.

و لم تمض على لقاءات انابولیس ایام قلائل حتى عادت اسرائیل الى استفزازاتها الاستیطانیة مؤکدة ان کل الاتفاقیات التى تبرم مع الفلسطینیین تبقى حبرا على ورق مع اسرائیل التى لا تؤمن بالحق الفلسطینى ولا ترید الاعتراف بمشروعیة نضالاتهم الوطنیة من اجل الارض والحق فى الدولة والاستقلال.

ان اسرائیل تؤکد مرة اخرى انها غیر مستعدة للسلام ولا لأى شکل من اشکال التفاوض مع الفلسطینیین ناهیک وان التصرفات التى نجمت عنها مباشرة بعد اجتماعات انابولیس کانت تثبت ان اى عملیة سلمیة لا یمکنها ان تعمر ولو ایام.

والانکى من هذا ان المجتمع الدولى بصمته وانحیازه یشجع اسرائیل على التمادى فى غیها وتعنتها وعدم التزامها بالتعهدات الدولیة. فبریطانیا التى ترید ان تلعب دورا فى الصراع الفلسطینى الاسرائیلى لم تتخذ اى خطوة بل هى قرنت تقدیم المساعدات للفلسطینیین بتقدم عملیة السلام فبالله علیکم کیف یمکن لعملیة السلام ان تتقدم فى ظل التعنت الاسرائیلى وبتلک العقلیة الاسرائیلیة المتوحشة؟ وکیف یمکن للفلسطینیین ان یتمتعوا بحقوقهم فى ظل مثل هذا الانحیاز المفضوح الى جانب اسرائیل؟.

والولایات المتحدة الامریکیة بدورها انحازت مجددا لاسرائیل وحتى التنبیه الذى وجهته الى تل ابیب بشأن الاستیطان وما یجرى فى جبل ابو غنیم ما هو الا ذر الرماد فى العیون حتى لا تظهر وکأنها بدورها مخلة بالتزاماتها وهى التى تنادى دائما باحترام الالتزامات والمواثیق الدولیة.

ان ما تقوم به اسرائیل الیوم مع الفلسطینیین ورغم انه لیس بالجدید فانه لن یزید الا فى تحفیز الفلسطینیین نحو المزید من التمسک بالمقاومة کخیار استراتیجى لا یمکن التخلى عنه خاصة مع طرف مثل اسرائیل التى لا تقبل بالحد الادنى.

لقد اثبت تاریخ النضال الفلسطینى ان المقاومة واذا مرت بفترات تراجع سیاسى وعسکرى فلن یکون هذا التراجع الا مؤقتا وظرفیا ینتهى بانتهاء المرحلة التاریخیة والسیاسیة التى تمیزه وهو ما یحصل الیوم للثورة الفلسطینیة التى تعیش مرحلة انحسار لیس فى اشکال النضال فقط بل فى المفاهیم والایدیولوجیات التى تقود ذلک النضال الذى یتطلب فى هذه الفترة بالذات المزید من التکاتف والمعاضدة السیاسیة التى تقترن بدورها بالاعتبارات الاستراتیجیة التى یجب على کل طرف اخذها بعین الاعتبار فى حساباته النضالیة.

وما یحصل الیوم بین الفصائل الفلسطینیة لا یجب ان یستمر بل یجب العمل على تجاوزه وبالسرعة القصوى حتى لا یؤثر على الاهداف الکبرى للقضیة الفلسطینیة وحتى لا یضیع مصیر القضیة بین متاهات التناقضات والخلافات الایدیولوجیة التى تشق الساحة الفلسطینیة.

انها مرحلة حساسة ودقیقة یمر بها الشعب الفلسطینى وعلیه لا بد من المزید من الیقظة والحذر حتى تستمر القضیة وتستمر مشروعیتها السیاسیة والنضالیة.

( المقال لسلیم الکرای فی العرب اللدنیة )

ن/25